الثلاثاء، ١٠ يوليو ٢٠٠٧

الغابة ملك المالك



لو لم تكن واقفا هناك، و في يدك ساعة تشير عقاربها إلي الثامنة، لظننت انه الفجر، فقد كان القمر مكتملا، شديد الضياء حتى تحسبه شمسا وليدة تحبوا أولي خطواتها في سماء تلك المدينة الصغيرة. وربما لاحظت أن السكون يغلب كل شيء فلا تسمع حفيفا للأشجار ، أو أصوات صرصار الليل الذي طالما ظننت في طفولتك أنها زقزقة عصافير ليلية ، تسلمت دوريتها من عصافير الصباح . إنني واثق، أنه لولا صياح كلبك، بإصرار متحدي، لسهل عليك ملاحظة هذا السكون.

ها أنت أخيرا تقرر أن تتبعه، لتري ما يحمله علي ذلك, لا تفعلها عن ثقة فيه و لكن حتى يتوقف عن نباحه، تكاد تري نفسك عائدا دون أن تجد ما يريب مؤكدا انك كنت علي حق و أن إتباعه كانت فكرة سيئة ، ربما هذا ما تمنيته ، فإن البشر مولعون بأن يكونوا دوما علي صواب ، لكنك كنت مخطئ ، فها هو الكلب يحملك إلي حيث وجدته، جثة هامدة مفتوحة العينان ، لو كنت طبيبا شرعيا ، للاحظت أن الكدمات و السجحات حول رقبته ، تكشف عن استخدام حبل في الجريمة ، أن بروز العينين و انفجار بعض الأوعية الدموية ، و ذلك اللون الأزرق كلها من علامات الأس فكسيا، لو كنت طبيبا شرعيا لرفعت يده ولاحظت برودتها و لاستطعت أن تخمن أن الوفاة حدثت منذ أكثر من 12 ساعة نظرا لانتهاء التخشب الرمي ، و لكنك يا مسكين لست طبيبا شرعيا ولا حتى طبيب، فما كان لك إلا أن تفعل ما كان ليفعله معظم من هم ليسوا طبيبا شرعيا أو طبيب ،ألعن اللعنات، لقد أطلقت صرخة مدوية ثم فقدت الوعي .


والآن , نشكرك علي تعاونك معنا ، و نأسف علي ما تسببنا لك فيه من إزعاج ، يمكنك الاحتفاظ بالكلب إذا أردت ، و الآن يمكنك أن تعود إلي صفوف القراء، فالقصة علي وشك البدء.


ضحكات تملا السيارة، أصوات السعادة تتكرر و تتباري فيما بينها ، ألعن اللعنات ، من وجوههم تعرف أنهم زوجان حديثي الزواج، ترى في عيونهم تلك التوقعات الحمقاء ، إن للسعادة غباء لا تخطئه العين المجربة، طيلة الأيام الماضية كنت أراقبهم عن كثب، فهو عملي، لقد استأجروا الكوخ الشرقي فكانت المهمة يسيرة حقا. كما أنهم لم يغادروا المكان أبدا .


يال عدم اللياقة، لم أعرفكم بنفسي بعد، أنا صاحب المكان أعيش هنا وحدي منذ الأبد، إنسان لطيف و لكن دقيق، و قد أوقعتني دقتي في كثير من المشاكل مع المستأجرين. لقد أصبح التحايل هو الصفة السائدة بين الناس الآن ألعن اللعنات و بالرغم من أن ذلك أفقدني كل ثقة في وعودهم إلا أنني لم اطرد مستأجر منهم قط ، فقط حرصت علي أن أضمن عدم تكرر الأمر مرة أخري .


تبا لهم جميعا، لقد ظننت أن هذان مختلفان، نفس الخرق للقواعد البديهية، نفس التحايل، ثم نفس الصراخ و اللعنات التي تلاحقني عندما أحاول الإصلاح، ألعن اللعنات، صراخ و توسلات و اتهامات لي بالجنون ، لقد صار الأمر مملا إلي أقصى حد إن الأمر في غاية البساطة، أنتم استأجرتم مني الكوخ و ليس الغابة ، الغابة ملك المالك ، ما الذي دفعكم للخروج منه إذ1 ؟!!! كانت حجة الزوج في غاية الغباء، و مع ذلك كنت من السماحة بحيث حاولت أن أصلح الأمر ، عندما سألته عن سبب خروجه أجابني أنه أراد أن يستنشق بعض الهواء النقي ، رأيت في عينيه نظرات استهجان و بالرغم من ذلك سألته بأدب إذا كانت حاجته للهواء هي وحدها السبب، ولولاها ما خرج ، فأجاب ساخرا : نعم . كان يمكن أن أطرده الأحمق و لكن كل ما فعلته هو محاولة إصلاح الأمر، أخرجت من حقيبتي حبلا و منعته من التنفس حتى لا يحتاج للخروج مرة أخرى ، لم تتوقف الزوجة الجاحدة عن الصراخ ، و حاولت بشتى الطرق منعي ثم عندما أتممت الأمر كان علي أن ألاحقها هي الأخرى ألعن اللعنات، ولكنها تركت المكان علي أي حال ، تذكروا أنني لم أطردها .


عدت في الثامنة لأجدك أيها القارئ الكريم مددا فاقد الوعي بجوار الجثة، لقد سمحت لك أن تترك الكوخ هذه المرة كي تعرف القواعد كلها منذ اليوم الأول، أيقظتك في رفق و طلبت منك أن تعود إلي صفوف القراء و....

مهلا، ماذا يفعل هذا الكلب هنا؟. لقد سمحت لك أن تأخذه، يبدو أنك لست من محبي الكلاب و لكن، أنني أراك !!!!
ألم أطلب منك أن تعد بين صفوف القراء، لم أنت هنا ؟ لم لست معهم ؟ألعن اللعنات، طبعا لم تقرأ تحذيري طالما أنت قابع هنا بين الأحداث ! حسنا، إذا كنت تأبى إلا أن تكون جزء منها، فليكن، و لكن كيف يعالج المرء الفضول ؟ كيف يمنعه؟ هل ببتر القدم ؟ أم فقأ العين؟ أم لعل سببه العقل ؟ألعن اللعنات , أين وضعت الحقيبة؟

هناك ٩ تعليقات:

wael يقول...

طريقه جميله جدا في الكتابه والف مبرووووووك على الاجازه اخيرا هيبقى من حقنا نكتب ونعيش حياه شبه اللي بيعيشها البني ادمين

سارة بنت الدشناوي يقول...

شكرا يا وائل انا سعيدة انها عجبتك و مبروك علي الاجازة انت كمان

al_shared يقول...
أزال المؤلف هذا التعليق.
غير معرف يقول...

انا بس كنت عاوز اعرف نوع الكلب ايه عشان انا بحب الكلاب و صعبان عليا الكلب اوي

رجاءا لا تخنقيني و لا تصبي لعناتك علي راسي

Ert3ashat يقول...

رائعه يا ساره بجد.......
انا اول مره ازور المدونه بس بجد جميله اوي
اسلوبك رهيييييييييييييييييييب :)

احييكي بجد

nohamy يقول...

الف مبروك ع مدونة
انا اول مرة أشوفها
فرحت لك
موضوعك بتاع العبط كان لذيذ و فيه فكرة حلو ة

Marwa Friday يقول...

صباااااااااح الورد يا ساسو يا سكر
اسلوبك طبعا جميل
ليه ماشفتهاش في الدستور ؟
بصراحة التدوينة فيها شخصيتك ..ومقالاتك في الدستور بتعجبني جدا خاصة بتاعة القلاية اللي اكتشفت سر أنا عبيط من قبل ما اكمل هههههههههه
سارة تمسكي بشخصيتك واوعي تدوبي في شخصية حد حتى لو كان خالد كساب ! ا تحياتي يا قمر

سارة بنت الدشناوي يقول...

اولا آسفة علي التأخير في الرد بس النت عندي كان قاطع
كريم:الكلب بخير متقلقش عليه
ارتعاشات:شرفت المدونة و اتمني انك تشرفها اكتر
بني آدم: الله يبارك فيك و انا سعيدة ان الموضوع عجبكم لأني بصراحة كنت خايفة منه شوية لحد يزعل
مروة : يا مروة انا من يوم ما اتولدت و انا سارة الدشناوي و لحد ما اموت حفضل سارة الدشناوي و عمري ما دوبت في شخصية تانية و اعتقد ان كلامي و كتاباتي بعيدة كل البعد عن كتابة خالد و اسلوبه ، كمان السبب في ان مواضيع المدونة مش في ضربة شمس انها تختلف مع طبيعة الصفحة يعني مثلا الموضوع ده بال\ات قصة رعب و استا\ ايهاب الزلاقي هو اللي ماسك صفحة الرعب في الجرنال و فعلا نشرلي قبل كدة بس في ناس كتير بتكتب رعب فميقدرش ينشر لحد علي طول و كل حاجة بتاخذ دورها ، خالد كساب اخ اكبر و هو اللي حط رجلي علي اول السلم و اللي لو بقيت في يوم حاجة كبيرة فبلا شك هو مكتشفها بس ده ميمنعش ان لي قلمي الخاص و الحقيقة انا مش قادرة افهم سبب نصيحتك بالرغم من انها مزعلتنيش خالص

Unknown يقول...

هما دول الدشناوية وربنا يزيدك خالد عدلى من العزازية